الثلاثاء، 24 أغسطس 2010

تَرِفْ حيل

 بسم الله الرحمن الرحيم
     أضع بين أيديكم سلسلة من الأبوذيات بما يشبه فن الزّنجيل العراقي، وهذا نزولاً عند رغبة المحبين من الأهل والأصدقاء، والذين أصروا علي أن أنشر شيئا من أبيات الأبوذيّة التي أكتبها، وعلى رأسهم ابن خالي المعرس الجديد يوسف المؤمن، سائلاً الله تعالى أن يوفقه ويبارك له في حياته الزوجيّة وأن يرزقه الذرية الصالحة، بحق هذه الليالي المباركة ونحن على مشارف ليلة ميلاد السبط الأول أبي محمد الحسن (عليه السلام) وهي الليلة الإحتفالية المعروفة في بلاد الخليج بالقرقيعان، حيث نشأ هذا العرف من مدينة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) احتفالاً بسبطه الأوّل واستمرّ إلى أيامنا هذه.

التّرف ما هو ترف مظهر .. تَرَف حيل
يا غض يا املس يا ناعم يا تَرِف حيل
من أذكـــر بالغِنِـج عـينك تِرِف حـــيل
ترف روحي وأشــــد بســمة غـــبيّــة

أبــد لا تــعجب إن روحـي ترف ليك
وسبحان إلّي حــط كــل التَّرَف لــيك
معـاك أحسّنِـــي راكـــب تــــرفليــك
مــعــلّق بــالــهــوا وخـــــايـــف عليّه

ترى فليك "flacke" اصبعك نوع بريطاني
غرامك جوّه قلبـــي إبــــره اطّاني
رطانـــــك مـــا قنعــته إبـــرطاني
حســـــاويّـة أمّــي وأمك فـارسيّة

صدق عرجي من أمّي مِالحساوي (من الحساوي)
عشانك أنكر أصلي .. ما الحساوي؟
عســل فــي خمرة زائد ملح يساوي
مــقاديـــــــرك وهـــي مــــو منطقيّة

مــــقاديـــرك صِنِـــع فـارس والكويت
إلك في خاطري مطـرح وإلك weight
تريـــــد تعوفـني وترحــل! ولـك wait
إخـــذني ويــــاك خــل نــرحـل سويّة

إخـــــذني دنيــتي بـــك مــالي عـنها
إذا زولــــك تــركــــــها ومـــال عنـــها
ولســــــاني بـــعــد عـــينك مــا لعنها
أقـــــص إلسـاني بـس ترضى عــليّه

أقصّــــه لـــــــو يـردّك لـــيَّ قـــــــصّه
يا من لك من شروق الشمس قِصّة (مقدمة الرأس)
بالله عليــــك قصتي ويـــاك قــــصـــة؟
روايـــــة تـعـنـونـت باسـم الأذيّـــــــــة

الأذيّــــة متـعـتـي مـنّك والأفـــــــــراح
ألف قـد جانــي مـن قبـلـك وألــف راح
أفطـــر قلـب .. أكسـر عين .. ألف راح
فـــقـــط إنـــت إللــــويت اثـــنين إديّـــه

لويت إيدي وتـــقلّـــــي مـــا حصل لي!
تعـــال إلـــوي .. أعــوفك!؟ ما حـصلّي
إذا الله مــا جمــعـنا مـــــا حــأصـــلّي
تكـــفّر فـــرقـــتـــك كــــل ذنـــــب لــــيّه

شـفارق يالبـــــدالك مــــا بــــــدا لــــي
ولا أرضــــى يـــاخــــذك واحــد بدالي
بألْفـــــي بحائـــيِ بــميمـي بــــدالـــي
بـكــل أحــمــد أحـبّـــك مـــيّـــة مــــيّـــة

أحــبّـــك واطلب إيـــدك .. ما انعم إيدك
بخطبك بـس دلنـــــي مـــــن عــــميدك؟
بقـــلّه إنــــي بغــــرامـــك مـنعــمي دك
أبــكـــسـر خــاطــره ويــشــفـق علــــيّه

أبــــــكســـــــر خــاطره لــو فاد كسره
يـا هــــالــوارث غــرور وجــاه كـــسرى
قــســـم بـاللـــه وتـحــت الهــــاء كسرة
أحبّـــــك وأنــدبــــك صبـــــح ومســــيّة

علــــيك أنـــــدب هــــذاك الحـظ وأنـحب
خطيّة هــواي أحــب لــكن مــا أنــحـــب!
يجـــوز يحــبنــي مـقــرود، وإن حـــــب
هَلَــه البــطــــران مــــــا يرضـــون بيّـــه

ملاحظة: الرسمة في صدر الموضوع عملٌ من إبداعات الفنّانة الرسامة إيمان مالكي http://www.imanmaleki.com، وهي بعنوان (فتاة قرب الشبّاك).

الثلاثاء، 3 أغسطس 2010

إِلى أَهْلي

   بسم الله الرحمن الرحيم

     بداية أعتذر من أعزتي متتبعي المدوّنة على انقطاعي الذي دام فترة طويلة من الزمن، وذلك بسبب انشغالي بالدراسة، وأنا الآن أكتب هذا الموضوع وأنا في الأشرفية في قلب بيروت، وتطل نافذة غرفتي على ساحة جامعتي جامعة القديس يوسف، حيث مشاعر الإنتماء والدفء تحتضن مشاعر التعب والتململ، ولازلت في هذه الأيام منشغلاً في تقديم امتحاناتي النهائية.

    أثناء فترة الدراسة هنا، تعرفت على نخبة من الأصدقاء من الكويت والخليج والوطن العربي وأوروبا وأمريكا، ولعلي أكتب موضوعا خاصا بهذه العلاقات التي تملؤها الموّدة، متمنيا أن تدوم للأبد. وفي ما يخص هذا الموضوع فقد تعرّفت على البروفيسور أهيف سنّو والذي كان له الفضل الأكبر في هذه الدورات التعليميّة المكثّفة، وقد أعجبت بهذه الشخصيّة الفذّة، بل وتعلقت بها على المستويين العلمي والإنساني، حيث صارت علاقتي به علاقة الابن بالأب فضلًا على علاقة التلميذ بالأستاذ.
     وقد نظمت هذه القصيدة في شخصه الكريم بشكل عفوي، إذ كان توجّهي أن أكتب رسالةً على شكل قصيدة لأرسلها لأختي - وهذا ما يفسر مطلع القصيدة - ولكنها انتهت بما انتهت عليه، وهذا نص القصيدة التي عنوانها "إلى أهلي" وأعتذر على سوء الإخراج.

إِلى أَهْلي

أُخَيَّ عَلَيَّ إنْ جَدَّ الصَّباحُ               تُصَبِّحُني كَما تُمْسي الجِراحُ

كَأنَّ الكَوْنَ حَوْلِي في حَراكٍ               وَما في القَلْبِ يَجْهَلُهُ البَراحُ

تُسَلِّحُني الوَقائِعُ للدَواهي               وَللأَحْزانِ لا يُجْدي السِّلاحُ

إذا هَبَّت رِياحُ الشَّوقِ نَفْحًا               فَعَلِّمْني بِما تُجْدي الصِّفاحُ؟

أَمَرُّ الأَمْرِ للإنْسانِ طُرًّا               بِأَنْ يَغْلو عَليهِ المُسْتَباحُ

وَإنَّ العُمْرَ لَوْ فَتَّشْتَ وَصْفًا               حُدوثٌ ثُمَّ يَخلِفُهُ رَواحُ

 فَما طولُ الرَّجاءِ سُوى فَسادٍ               وَما بَعْدَ المُكوثِ هُوَ السَّراحُ (١)

وَما خَيْرُ الحَياةِ بِطولِ عَيْشٍ               ولكن أنْ يُعايِشَها الصَّلاحُ

وأَيْمُ اللهِ أَصْلَحُ كُلَّ شَيْءٍ               عُلومٌ عِنْدَها يَحْلو الكِفاحُ

وَإنْ أنْسى فَلَنْ أَنْساهُ شَيْخًا               لَهُ لَحِقَتْ سَفينَتِيَ الرِّياحُ

سَنَحْنَحُ (٢) مَعْهَدِ الآدابِ قِدْمًا               وَمَنْ لَوْلاهُ ما خُلِقَ النَّجاحُ

وَبَحْرٌ للمَعارِفِ غُصْتُ فيهِ                     وَلكِنْ ماؤهُ عَذْبٌ قَراحُ (٣)

لِـ"أَهْيَفَ" صاحِبِ المَلَكاتِ أَرْمي               وَمَنْ مِنّي لَهُ خُفِضَ الجَناحُ

أَتَيْتفكَ جاهِلاً وَالجَهْلُ عَيْبٌ               بِأمْرٍ عَنْهُ قَدْ كُشِفَ الوِشاحُ

بِأنَّ العِلْمَ لَوْ قَدْ كانَ دينًا               فَقَوْلُكَ في مَناهِجِهِ الصِّحاحُ

وَأنْتَ الغَيْثُ إنْ عَفّاهُ جَدْبٌ               وَأَنْتَ الزّادُ إِنْ حَلَّ المُحاحُ (٤)

وَأنْتَ دَواؤُهُ إِنْ يَشْكُ داءً               وَأَنْتَ لَهُ بِوَحْدَتِهِ مِراحُ
دُعاةُ العِلْمِ هُمْ للعِلْمِ قِشْرٌ               وَأَنْتَ لِلُبِّهِ آحٌ وَماحُ (٥)

فَلَوْ بَلَغوا خَواتِمَ كُلِّ عِلْمٍ               خِتامُ عُلومِهِم لَكَ الافتِتاحُ
أَبٌ سَهْلُ الخَليقَةِ حينَ يُرْمى               عَظيمُ الصَّبْرِ بَطْشَتُهُ السَّماحُ

لَهُ جِدٌّ إِذا أَبْداهُ يُخْشى               وَمُذْ يُخْشى تَغَشّاهُ المُزاحُ
بِمُتْعَةِ دَرْسِهِ أُنْسٌ لَذيذٌ               وَنَشْوٌ لا يُضاهيهِ النِّكاحُ

إذا قالَ انتَبِهْ أَسْمِعْ وَأَنْصِتْ               يَحُفُّكَ في المُسابَقَةِ ارتِياحُ
     وَأَسْتَجديهِ بِالإلحاحِ حَتّى               يَحُكُّ بِبَوْحِ حُنْجَرَتي بَحاحُ (٦)

عَبيدُ المالِ قَدْ طَمَحوا لِحَظٍّ               فَمالَ الحَظُّ دونَهُمُ وَطاحوا(٧)
وَتُخْفَضُ في سُؤالِ المالِ راحٌ               وَتَعْلو في سُؤالِ العِلْمِ راحُ (٨)

مَقامُهُ لَوْ إِليْهِ قَصَدْتُ مَدْحًا               فَلا يَسْمو لِرِفْعَتِهِ امتِداحُ
فَقُلْ للاّئمينَ لَهُ مَديحي               لِحُبّهِ وَيْكَ يُطْرِبُني النُّباحُ

وَمَنْ يَصْحَبْ مِنَ الدُّنيا خَليلاً               يَجيءُ بِقَدْرِهِ خِلٌّ وَصاحُ
كَما قُرِنَ الأَميرُ بِبِنْتِ طهَ               مُسَيْلَمَةٌ حَليلَتُهُ سَجاحُ

فَخُذْ "هِبَةَ" الإلهِ عَساكَ تُجْزى               لِطيبِ الوَرْدِ يُنْتَخَبُ اللِّقاحُ
أبا "تالا" وَأَصْلُ النّورِ شَمْسٌ               بِلالٌ لَمْ يَكُنْ لَوْلا رَباحُ

لِرَوْحِ العِلْمِ دُمْتُمْ "آلَ سِنّو"               بِكُم وَبِمِثْلِكُمْ حُيَّ الفَلاحُ

قَريحَةُ شِعْرِيَ الهَيْجاءُ طاشَتْ               وَفي أعْتابِكُمْ كُبِحَ الجِماحُ
إِذَنْ حانَ الفِراقُ فِداكَ نَفْسي               وَلَيْتَ اللّيلَ يَقْتُلُهُ الصّباحُ

وإنْ يَبْدو عَلى وَجْهي ابتِسامي               ففي الأحشاءِ يَقْتُلُني النُّواحُ

تُصَبِّرُني مَواعيدٌ سَتأتي               وَأيّامٌ مُخَلّدَةٌ مِلاحُ

إمامي لَيْسَ قَوْلي قَوْلَ قَوْمٍ               مَصاحِفُهُم تَهادَتْها الرِّماحُ

لِزَيْنِ الدّينِ أَحْمَدَ سَوْفَ تَبْقى               وَذِكْرُكَ في فَمِ الدّنيا صُراحُ


٢/٨/٢٠١٠
 بيروت - الأشرفية، راس النّبع




وهذه أبوذيّة بسيطة في حق أحبتي زملائي في "المنهجية العامة":
نَهِج غيــر الوفــا والــود..ما انهج
مع مــن واصل الدّورة.. ومن هــج
إنذبحنـا حاشية.. تدويـن.. منهج
ومع أحبابي تــهـــون المنهـجــيّـة
__________________________________________________________________
(١) السّراح : الطلاق، الإرسال والإبتعاد.
(٢) سنحنح : الرجل السنحنح هو الذي لا ينام الليل.
(٣) قراح : صافٍ خالص.
(٤) المحاح : الجوع.
(٥) الآح والماح : بياض البيض وصفاره بالترتيب.
(٦) بحاح : البحّة، وهو غلظ في الصوت وخشونة.
(٧) طاحوا : هلكوا
(٨) إشارة إلى أن الشحاذ يبسط كفه إلى الأسفل عند الإستجداء، وطالب العلم يرفع كفه إلى الأعلى عند السؤال.