الاثنين، 31 مايو 2010

فيلم "Prince of Persia" يتمنى العودة بالزمن



   على خطا فيلم Pirates of the Caribbean المأخوذ من لعبة تحمل نفس الاسم، أنتجت شركت والت ديزني الشهيرة فيلمها الجديد المأخوذ من اللعبة الشهيرة Prince of Persia أو "أمير بلاد فارس" للمخرج مايك نيويل صاحب رائعة سلسلة "هاري بوتر" وبطولة جاك جيلينهان وبين كينقنسلي وجيما أرتيرتون وغيرهم ممن ترك بصمته في هذا العمل الرائع.

    جزء من أجزاء اللعبة المقتبس منها العمل: 
    - ملخص قصة الفيلم: 
    تدور أحداث الفيلم في القرن السادس حيث تتمتع بلاد فارس ببلوغ حضارتها إلى أقصى قمم العظمة على مستوى العالم، ملك هذه الدولة لديه ابنان من صلبه وابن متبنى من عامة الشعب، وقد زرع فيهم الملك قيم النبل والخير، الابن المتبنى اسمه (داستان) وهو بطل الفيلم الذي تربطه بأخويه وأبيه وعمه (نظام) علاقة وطيدة من المحبة والإحترام.
    وفي يوم من الأيام أشار العم (نظام) على أكبر الأبناء والمرشح لخلافة أبيه الملك بغزو المدينة المقدسة "ألاموت" وهي مدينة حقيقية يذكرها التاريخ وهذه إحدى صورها حاليا وتبدو طللا لمدينة عفا عليها الدهر:
 http://farm4.static.flickr.com/3614/3681109484_0c305dd899.jpg
     أما الدافع الذي أقنع العم به ابن أخيه للغزو فهو أن في هذه المدينة تصنّع فيها الأسلحة لمحاربة الفرس، فغزاها واحتلها وأراد أن يتزوج من أميرة المدينة الحسناء  (تامينا)، ولكن ملك فارس شاء أن يزوج هذه الأميرة لابنه المتبنى (داستان) والذي كان بطل المعركة والذي أصبح يلقب من يومها أسد فارس، وفي هذه الأثناء ومع احتفال الملك بنشوة النصر، دبرت له عملية اغتيال محكمة ولفقت تهمة الاغتيال لابنه (داستان) والذي اضطر للهروب بصحبة الأميرة ومن هنا تبدأ المغامرات المتوالية عليهما، بين محاولتهما لإنقاذ العالم وذلك باسترداد ما سلب من مدينة "ألاموت"، وبين الهروب من القتلة المأجورين الذين يحاولون قتل (داستان) وكل من يجيره.  في حين يتبين أن القاتل كان العم (نظام) والذي تسبب بغزو مدينة "ألاموت" لسرقة ثروتهم التي أهدتها لهم الآلهة وهي ساعة رملية من شأنها أن ترجع الزمن للوراء وكان هدفه من ذلك أن يرجع الزمن حتى حادثة قديمة أنقذ فيها حياة أخيه الملك من نمر متوحش، وبتغيير هذه الحادثة وترك أخيه يلقى حتفه كان ليصبح هو الملك في هذا الوقت! ولكن الخطورة تكمن في محاولة ارجاع الزمن مدة زمنية طويلة كهذه، لأنه كما تقول الأميرة سيكون ذلك كفيلا لنزول لعنة الآلهة علي الأرض ونهاية العالم.
    لكن يتمكن (داستان) بمساعدة الأميرة وبعض الأصدقاء من التصدي لعمه الخائن واستطاع استخدام هذه الساعة الرملية السحرية ليرجع بهم الزمن حتى بداية احتلال المدينة ليفضح عمه (نظام) قبل قتل الملك فيقوم خليفة الملك وابنه الأكبر بتقديم الإعتذار الرسمي للأميرة على احتلالهم مدينتهم باتهام عمه المزيف وهو تصنيعهم للأسلحة ومن ثم ينتهي الفيلم بنهاية سعيدة وهي زواج (داستان) بالأميرة بعد أن وقعا في حب بعضهما البعض.
   - مدخل
    يبدأ الفيلم بتصوير قصر ضخم جميل، تميزه الأبراج العاجية البيضاء والمزينة بالقباب الذهبية اللماعة..حسنا هذا القصر ليس غريبا علي! خاصة وأني أشاهد فيلما من إنتاج ديزني! لقد كان القصر شبيها بقصر السلطان في الفيلم الكارتوني الشهير "علاء الدين" بدرجة كبيرة..ولكن قلت في نفسي لابد أنها صدفة..إلى أن دخلنا في المشهد الأول، والغريب أن المشهد الأول من الفيلم وبنسبة ٩٠٪ يجسد مشهدا في بداية فيلم "علاء الدين" وهو هروب الطفل (داستان) - الذي يرتدي زيا لا يختلف عن زي علاء الدين إلا بالقبعة - من حرس الملك بطريقة مثيرة ومضحكة، حيث يقفز من سطح إلى آخر ويتغلب على كل الحراس المسلحين بحركاته البهلوانية..تماما مثل هذا المقطع: 

    لا يخفى أن سبب إنعاش الذاكرة في هذا المدخل إنما ينم عن تعلقي بشخصيات ديزني منذ الطفولة، ومن من أبناء جيلي لم يسحر بتلك الشخصيات؟ حتى أنني ما زلت أحن لزيارة مدينة ديزني..تلك المدينة التي ما إن أدخل بوابتها إلا وأرجع طفلا صغيرا لا تفارق البسمة محياه..مدينة الخيال والألعاب، السر في تلك المدينة ليس في الألعاب إنما في الجو العام للمدينة التي تعطيك إحساسا سحريا بالإنتماء إلى عالم آخر.
    - الإسقاط السياسي المكشوف
    اسقاطات الفيلم كانت واضحة جدا مما لا يدع مجالا كبيرا للتأمل والتدبر في معطيات القصة، الدولة العظمى في ذلك الوقت تغزو على مدينة مقدسة بحجة تصنيعها للأسلحة، فيتضح أن الأسلحة المزعومة لا وجود لها وإنما هناك ثروة غير عادية يستهدفها الرأس المدبر لهذا الغزو! تماما كما حدث في زمننا المعاصر، فالدولة العظمى في زماننا هي أمريكا، والمدينة المقدسة في العراق وما أدراك ما العراق وما حضارة العراق وما قداسة العراق، العراق الذي يعتبر مقدسا لكل الأديان والملل والمذاهب، ولأقدس ما يضم العراق ضريح أمير المؤمين علي بن أبي طالب (عليه السلام) في النجف الأشرف، وضريح الإمام الحسين (عليه السلام) وأهل بيته وأصحابه في كربلاء المقدسة. 
    لكن السؤال هنا، ما هي الثروة التي تريدها أمريكا من العراق؟ الفيلم يصور هذه الثروة بساعة رملية ترجع الزمن إلى الوراء، وتفسير هذا يأتي لاحقا، أما ما أرادته أمريكا من العراق فعلا فأعتقد تحديده ليس سهلا! هل هو النفط؟ هل حقا تحتاج أمريكا للنفط كل هذه الحاجة؟ والدول النفطية تحت إمرتها بل أن الأمريكان تقدموا بالعلم حتى أنتجوا مصادر طاقة جديدة ومطورة تغنيهم عن النفط متى شاؤوا، هذا التساؤل يذكرني بمقطع جميل لخطيبي المفضل الشيخ جعفر الإبراهيمي، ولعل أهم ما في المقطع من الدقيقة ١.١١ حتى الدقيقة ٢ بالتحديد:
    في الواقع ليس الشيخ جعفر محللا سياسيا حاذقا ونحن نحترم التخصصات، ولكن في كلامه ما يعبر عن كلامي بلسان أفصح ليس إلا.
     - رأي المبدع
    المبدع بعد أن يضع اسقاطاته ليمثل مجريات حرب العراق، بعد ذلك يدلو بدلوه، ويضع لمسته وما يعتقد أنه الصواب. المبدع يقترح ويتمنى أن يعود الزمن إلى بداية احتلال العراق ليتقدم رئيس الجيش الأمريكي تماما كما تقدم رئيس الجيش الفارسي وخليفة الملك باعتذار رسمي لأنه غزا المدينة لسبب واهٍ لا أصل له، فكأنه يتمنى لو أن الأمريكان عملوا بهذه الطريقة واعتذروا للشعب العراقي فور اكتشافهم أكاذيب أسلحة الدمار الشامل وينصرفون إلى بلادهم، وهنا أتساءل لماذا لم يرجع الزمن في الفيلم حتى اليوم الذي سبق الغزو؟، أي حتى الليلة التي كان يتناقش فيها الأمراء الثلاث وعمهم نظام! لكن يتبين أن هناك مصلحة، أولا أن يتبين الخائن وهو العم (نظام) وأن يقتل يومها فيوضع حد لانقلاباته وخططه، وثانيا حتى يجتمع الحبيبان (داستان) والأميرة. ولعل إذا قسناها على الواقع الحقيقي فهناك مصلحة أيضا بدخول الأمريكان للعراق وهي بلا شك إسقاط الديكتاتور الطاغية صدام حسين، وهذا له من الخيرات ما يعترف به الشعب العراقي والشعوب المجاورة له. وهناك في مجال الكشف عن كذبة أسلحة الدمار الشامل طرحٌ جميل يطرحه فيلم the green zone والذي يضع النقاط على الحروف ويكشف خللا في جهات معينة في النظام الأمريكي وهذا ما ينتحدث عنه في رمزية الأسماء.
    - الدلالة الرمزية لأسماء أهم الشخصيات
     الأسماء كانت فارسية بطبيعة الحال، البطل (داستان) ومعناه قصة، أو رواية. هذا البطل الذي كان يسعى طوال الفيلم أن ينقذ العالم وأن يصحح الأوضاع السياسية بل وبالأخير يعود بالزمن ليصلح ما كان يجب إصلاحه سابقاً القصة تريد العودة لتقوم بالتغيير، وهنا تفسير أكثر لما تحدثنا عنه سابقا. أما الشخصية الشريرة فاسمها (نظام) طبعا المعني بالفارسي والعربي واحد كما هو واضح، وهنا أرى الضربة الأقوى، نعم الخلل في النظام نفسه، أو بالتحديد في عناصر معينة في النظام، وهذا ما كان في الفيلم أيضا لأن شخصية (نظام) تمثل شخصية المستشار الأقرب للأمراء والملك وهو الأقرب لهم حتى في صلة الدم، وللذي شاهد فيلم the green zone يفهم الخلل الحادث في النظام الأمريكي في بعض الشخصيات وكيف أن هذه الشخصيات كانت ترسم خرائطا لمواقع تصنيع أسلحة الدمار الشامل ولكن يتضح بعد ذلك أن هذه الخرائط كانت كلها مفبركة وكاذبة لا أساس لها من الصحة..تماما كصاحبنا (نظام).
    - نقدا للسياسة الأمريكية في الداخل والخارج
    أما نقد السياسة الخارجية لأمريكا فقد سبق شرحها،  وفي ما يخص الشأن الداخلي فقد خصصت شخصية طريفة شغلها الشاغل انتقاد الوضع الداخلي، وهو (الشيخ عمر) والذي قام به الممثل ألفريد مولينا بإتقان، (الشيخ عمر) يتذمر من الضرائب المفروضة على التجار ويشتكي من الوضع الاقتصادي بشكل عام بطريقة مستمرة، حتى أنه خرج من الدولة إلى إقليم مهجور ليتنفس الصعداء بعيدا عن التضييق الخانق علي رقاب التجار، ومن خلال متابعتنا المتواضعة للبرامج الأمريكية نستطيع أن نفهم عما يتكلم (الشيخ عمر).
    - الرسائل العامة في الفيلم
    يتحدث الفيلم عن إعادة الزمن وتصحيح الأخطاء والاستفادة من تجارب الماضي، لن نحتاج لساعة رملية لتعيد لنا الزمن، المثل يقول "الزمن يعيد نفسه"، صحيح..فالتجارب والمواقف لا تمر على الإنسان مرة واحدة، وعليك التعلم من أخطائك واتخاذ الموقف المناسب بل والإصرار عليه إذا رأيت الحق فيه، كما يقول الإمام علي بن أبي طالب (ع) "كونوا للظالم خصما وللمظلوم عونا"، (داستان) تهاون في الوقوف بوجه أخيه ومنع الحرب ما أدى إلى وقوع كارثة كادت أن تودي بحايته بل بنهاية العالم أيضا.  
    قالت العرب قديما "رب أخ لم تلده لك أمك" هكذا كان (داستان) لأخيه الأكبر، كان أحرصهم على مصلحته، وعلى ملكه وملك أبيه، العلاقة المميزة بين الإخوان الثلاثة والمبنية على الثقة العجيبة إلى درجة أن (داستان) يقتل نفسه وينتحر لثقته العمياء بأخيه الذي سيعيده للحياة خلال دقيقة من الزمن، هذا الترابط الذي تكلم عنه الملك الأب وشبهه قوته بسيف الدولة الذي يذود عنها ويضمن حمايتها ما داموا متماسكين. إذاً رابط الروح أحيانا يكون أقوى من رابط الدم، فالعم (نظام) شقيق الملك وعم الأمراء الوحيد كان يتربص بهم ويخطط للقضاء عليهم، في حين أن الصبي الذي ألتقط من عامة الشعب في سوق وسط البلد كان هو الحامي عنهم والمرجع لهم حقوقهم حتى وهم يحاربونه عن جهل كان هو يسعى لتبرئة نفسه لمساعدة إخوانه والانتقام لأبيه الذي تبناه وأعطاه الحياة الكريمة.
     في النهاية أرى أنه فيلما ممتعا في الدرجة الأولى وتميز بالتصوير الخيالي المقنع، والخيال أجمل ما يميز شركة ديزني، فيلم "أمير بلاد فارس" يحمل معانيا إنسانية وإسقاطاتا سياسية يقدمها في قصة جميلة وأحداث مثيرة تحتوي على الكثير من المغامرة والتي تعيش معها منذ بداية الفيلم حتى نهايته في رتم سريع لا تعرف معه الملل.

هناك 5 تعليقات:

  1. Although I didn't like the movie that much, but I agree with you regarding the political dilemmas, and I especially liked the clip for Shaikh Ja'far Al-Ibraheemi. Great post (y) keep it up

    ردحذف
  2. thank my twin ;-p
    allah la ya7rimna minik

    w binisba 7g elshy5 ja3far fa ga3id afakir asawi maw'9oo3 bs ma8a6i3 7aga l2ana mashallah 3lyh 3inda mla7athat w ta3lee8at bi9ameem.

    ردحذف
  3. بصراحة موضوع وطرح ممتاز وملاحظات قوية جدا ..
    ولكن هل تعتقد بأن امريكا تقوم على عمل دول لها في آسيا لتكون على سبيل المثال : أمريكا لا تبعد عن ايران مما يسهل لها العملية !! أي أقصد بأن أمريكا الأصلية في أمان وأمريكا العراق في حرب مع ايران .. فربما هذا سبب من الأسباب أيضا

    ردحذف
  4. قراءة تحليلة ذكية ومثقفة جدا بو علي ، حقيقة انبهرت بالنقد اكثر من الابداع نفسه ، مع يقيني ان النقد ايضا ابداع ، ربطت خيوط عدة في فيلم واحد ، تدل على حسك العالي و حدسك الدقيق جدا .. قواك الله اخي العزيز ، وبانتظار المزيد .

    مودتي الدائمة

    فهد بو سالم

    ردحذف
  5. أستاذي فهد الهندال، مجرد مرورك على المدونة شرف عزيز لي، وكلماتك شهادة أعتز بها، رأيك كمختص في مجالي الأدب والنقد يعني لي الكثير من الأهمية.
    أتمنى أن لا تحرمني من ملاحظاتك المهمة سواء على كتاباتي السابقة (خاصة في النقد) واللاحقة إن شاء الله، وأنا في شوق شديد لقراءة مؤلفاتك التي حدثتني عنها.


    أخوك الصغير (الطماع)

    ردحذف